ولد القديس مينا في مصر سنة 285 في نيصص قرب مدينة ممفيس. وكان أبواه مسيحيين مشهود لهما، واسم أبوه أودكسيس وأسم أمة أفومية.
كانت والدته عاقر، ليس عندها أولاد وكانت تصلي بدموع كثيرة للقديسة الطاهرة العذراء مريم وتطلب منها أن تتشفع لها عند الرب لينعم عليها بطفل. وفي مرة عندما انتهت من الصلاة سمعت صوت يقول "أمين". وعندما استجاب لها الرب وأعطاها أبناً أسمته مينـا.
كان أبوه يحتل مركز كبير في الإمبراطورية الرومانية، ولكنه مات عندما كان عمر مينا 14 عاماً. وبعد ذلك التحق مينا بالجندية (الجيش) وأعطي مركز كبيرا نظراً لشهرة أبوه. أرسله الإمبراطور إلى الجزائر ولكنه استقال من الجندية بعد ثلاث سنوات.
القديس مينا اتجه إلى الصحراء وقرر أن يعيش حياة مختلفة ويكرس قلبه وحياته للرب يسوع عاش خمسة أعوام كناسك وكان يشاهد رؤى مختلفة عن ملائكة تتوج شهداء بتيجان (أكاليل) شديدة الجمال. وذات يوم وهو يفكر في هذه الظهورات سمع صوت يقول له "مبارك أنت يا أبا مينا، لأنك دعيت لحياة التقوى منذ حداثتك، فأنك سوف تستحق ثلاثة أكاليل، أكليل البتولية وأكليل النسك والثالث اكليل الشهادة لأنك سوف تستشهد على اسم المخلص". وكان القديس مشغول دائماً بالتفكير ومتشوق إلى الحياة العظيمة في السماء. وفي شجاعة غامرة ذهب إلى الوالي ليعلن له عن إيمانه بالمسيح. فأمر الوالي بتعذيبه بعذابات كثيرة متنوعة ولكن مارمينا تحمل هذه الآلام مما جذب وثنيين كثيرين ليس للمسيحية فقط ولكن للشهادة أيضاً. وعندما استشهد القديس مارمينا حاولوا حرق جسده الطاهر فأوقدا نار كبيرة ووضعوا فيها جسده الطاهر ولكن النار لم تؤثر فيه. وبعد ذلك جاء بعض المؤمنين ووضعوا جسد مارمينا الطاهر على جمل واتجهوا إلى الصحراء الغربية. وعند موضع معين توقف الجمل ولم يستطيعوا تحريك الجمل بكل الطرق فقاموا بدفن الجسد الطاهر في هذا المكان.( في هذا المكان الآن يوجد دير الشهيد العظيم مارمينا العجايبي في مريوط بالقرب من الإسكندرية جمهورية مصر العربية)
وبعد عدة سنوات، كان أحد الرعاة يرعى الغنم في هذه المنطقة، وكان عنده خروف مريض وقع على الأرض، وعندما قام الخروف أندهش جداً الراعي لأن الخروف شفي تماما من مرضه. انتشرت هذه القصة بسرعة وكان بعض المرضى يأتون لهذا المكان وعندما يجلسون على الرمال في هذا الموضع يبرءون مهما كان نوع المرض.
وفي هذا الوقت كان للملك زينون وهو محب للمسيح، ابنة مريضة مرض شديد جداً ولم يستطع احد علاجها ، فأقترح عليه مستشاريه أن يجرب زيارة هذا المكان. ولما ذهبت أبنة المللك لهذا المكان وضعت رمل من المكان على جسمها، وفي الليل ظهر لها القديس مار مينا في حلم ، واخبرها ان جسده مدفون في هذا المكان. وفي الصباح ذهبت للاستحمام في بحيرة مريوط فشفيت من مرضها، فأخبرت الخدم الذين معها بالرؤية التي رأتها. ولما علم والدها الملك زينون بما حدث أمر بحفر المكان واخراج جسد مارمينا المقدس وبناء كاتدرائية عظيمة في هذا المكان. وكذلك حث الاغنياء على بناء قصور ومساكن لهم في هذا المكان. ولم يمضي وقت طويل حتى أصبح هناك مدينة عظيمة تحمل اسم القديس في هذا المكان. وكانت معروفة بمدينة الرخام لفخامة مبانيها الرخامية. وكان مرضى كثيرين من جميع أنحاء العالم يأتون لزيارة هذا المكان وكانوا يشفون من أمراضهم بشفاعة القديس مارمينا العجايبي لأن عجائب ومعجزات كثيرة حصلت بسبب شفاعته. وكانت القوارير الخزفية (زجاجات مصنوعة من الطين) مملوءة بالماء أو الزيت للبركة تعطى للزائرين. وظلت المدينة عظيمة .
في القرن الرابع عشر وجد بعض الناس في مريوط صندوق خشبي. فأحضروا هذا الصندوق الى الحاكم، ففتحه فوجد داخله مجموعة من العظام ملفوفة في قماش. فأمر الطباخ برمي الصندوق في النار. وبعد ذلك ذهب الطباخ في الليل ليعد الطعام وجد عمود من النور صاعد من النار من موضع عظام القديس. أمر البابا بنيامين بنقل عظام القديس إلى كنيسة القديس مارمينا بفم الخليج (مصر القديمة – القاهرة).
في القرن العشرين فقط بدأت بعثات عالمية البحث عن المدينة الأثرية المخربة. وبعد أن أصبح القديس البابا كيرلس السادس بطريركاً عام 1958م وضع حجر الأساس لدير كبير وكاتدرائية عظيمة على أسم الشهيد مارمينا في موضع قريب من مكان المدينة الأثرية. وكان البابا كيرلس من قبل أن يصبح بطريركاً محب للقديس مارمينا وأصبحت تربطهم صداقة مقدسة تربط القديسين في السماء مع الناس على الارض. ولكن كيف ان نكون طاهرين ليصبح لنا صداقة وعشرة مع القديسين في السماء؟.
وفي أيام القديس البابا كيرلس السادس المباركة أنعم الله علينا بدير عظيم للشهيد مارمينا لكي نزوره ونطلب صلواته وشفاعته لأجلنا أمام رب المجد. وبعد نياحة البابا كيرلس السادس دفن جسده الطاهر في دير مارمينا حبيبه حسب رغبته.
بركة صلوات وطلبات القديسين العظيمين مارمينا العجايبي والبابا كيرلس السادس تكون معنا جميعاً. آمين.